كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


تنبيه‏:‏ قال الحرالي‏:‏ الصوم الثبات على تماسك عما من شأن الشيء أن يتصرف فيه ويكون شأنه كالشمس في وسط السماء يقال صامت الشمس إذا لم يظهر لها حركة لصعود ولا نزول التي هي من شأنها وصامت الخيل إذا لم تزل غير مركوضة ولا مركوبة فتماسك المرء عما من شأنه فعله من حفظ بدنه بالتغذي ولنسله بالنكاح وخوضه في زور القول وسوء الفعل هو صومه وفي الصوم خلاء من الطعام وانصراف عن حال الأنعام وانقطاع شهوة الفرج وتمامه الإعراض عن أشغال الدنيا والتوجه إلى اللّه والعكوف في بيته ليحصل بذلك ينبوع الحكمة من القلب‏.‏

- ‏(‏أبو محمد الخلال في فضائل رجب عن ابن عباس‏)‏ حديث ضعيف جداً قال ابن الصلاح وغيره‏:‏ لم يثبت في صوم رجب نهي ولا ندب وأصل الصوم مندوب في رجب وغيره وقال ابن رجب‏:‏ لم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا عن أصحابه‏.‏ قال المصنف‏:‏ وأمثل ما ورد في صومه ‏[‏ص 211‏]‏ خبر البيهقي في الشعب في الجنة قصر لصوّام رجب‏.‏

5052 - ‏(‏صوم ثلاثة أيام من كل شهر ورمضان إلى رمضان صوم الدهر وإفطاره‏)‏ أي بمنزلة صومه وإفطاره كما مر توجيهه وتمسك به من قال بعدم كراهة صوم الدهر كله وبخبر ‏"‏صم رمضان والذي يليه وكل أربعاء وخميس فإذن قد صمت الدهر‏"‏ وقوله ‏"‏من أفطر العيدين وأيام التشريق ما صام الدهر‏"‏ ورد أن ذلك كله مجازات لحقيقة واحدة صوم الأيام كلها إلا ما حرم الشرع‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في الصوم ‏(‏عن أبي قتادة‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

5053 - ‏(‏صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر‏)‏‏.‏

- ‏(‏حم هق عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

5054 - ‏(‏صوم شهر الصبر‏)‏ هو رمضان لما فيه من الصبر على الإمساك عن المفطرات ‏(‏وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدر‏)‏ محركاً غشيه أو حقده أو غيظه أو نفاقه بحيث لا يبقى فيه رين أو العداوة أو أشد الغضب قال بعضهم‏:‏ وإنما شرع الصوم كسراً لشهوات النفوس وقطعاً لأسباب الاسترقاق والتعبد للأشياء فإنهم لو داموا على أغراضهم لاستعبدتهم الأشياء وقطعتهم عن اللّه والصوم بقطع أسباب التعبد لغيره ويورث الحرية من الرق للمشتبهات لأن المراد من الحرية أن يملك الأشياء ولا تملكه لأنه خليفة اللّه في ملكه فإذا ملكته فقد قلب الحكمة وصير الفاضل مفضولاً والأعلى أسفل ‏{‏أغير اللّه أبغيكم إلهاً وهو فضلكم على العالمين‏}‏ والهوى إله معبود والصوم يورث قطع أسباب التعبد لغيره‏.‏

فائدة‏:‏ قال القونوي في شرح التعرف‏:‏ من خصائص هذه الأمة شهر رمضان وأن الشياطين تصفد فيه وأن الجنة تزين فيه وأن خلوف فم الصائم أطيب من ريح المسك وتستغفر له الملائكة حتى يفطر ويغفر له في آخر ليلة منه‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن علي‏)‏ أمير المؤمنين ‏(‏وعن ابن عباس‏)‏ ترجمان القرآن ‏(‏البغوي‏)‏ في المعجم ‏(‏والباوردي طب عن النمر بن تولب‏)‏ بمثناة ثم موحدة العكلى صحابي له حديث قال في التقريب‏:‏ وهو غير النمر بن تولب الشاعر المشهور على الصحيح وقال الذهبي‏:‏ يقال له وفادة رمز المصنف لصحته وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأعلى من هؤلاء ولا أحق بالعزو مع أن أحمد خرجه في المسند باللفظ المزبور قال الهيثمي‏:‏ ورجاله رجال الصحيح وكذا رجال البزار وأما طريق الطبراني ففيه مجهول فإنه قال‏:‏ حدثنا رجل من عكل‏.‏

5055 - ‏(‏صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية‏)‏ يعني التي هو فيها ‏(‏ومستقبلة‏)‏ أي التي بعده يعني يكفر ذنوب صائمه في السنتين والمراد الصغائر، فإن قيل‏:‏ كيف يكفر ذنوب السنة التي بعده‏؟‏ قيل‏:‏ يكفرها الصوم السابق كما يكفر ما قبله ‏(‏وصوم عاشوراء‏)‏ بالمد فاعولاء ‏(‏يكفر سنة ماضية‏)‏ لأن يوم عرفة سنة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ويوم عاشوراء سنة موسى فجعل سنة نبينا صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم تضاعف على سنة موسى في الأجر‏.‏

- ‏(‏حم م د عن أبي قتادة الأنصاري‏)‏‏.‏

5056 - ‏(‏صوم يوم التروية كفارة سنة وصوم يوم عرفة كفارة سنتين‏)‏ على ما تقرر ‏.‏

فائدة ‏:‏ ذكر القونوي في شرح التعرف ‏[‏ص 212‏]‏ أن نبينا صلى اللّه عليه وسلم خص بيوم عرفة وبجعل صومه كفارة سنتين لأنه سنته وصوم عاشوراء كفارة سنة لأنه سنة موسى‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏‏)‏ ابن حبان ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الثواب‏)‏ على الأعمال ‏(‏وابن النجار‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن ابن عباس‏)‏‏.‏

5057 - ‏(‏صوم يوم عرفة‏)‏ لغير حاج ومسافر ‏(‏كفارة السنة الماضية والسنة المستقبلة‏)‏ وآخر الأولى سلخ ذي الحجة وأول الثانية أوّل المحرم الذي يلي ذلك حملاً لخطاب الشارع على عرفة في السنة وهو ما ذكروا لمكفر الصغائر الواقعة في السنتين فإن لم يكن له صغائر رفعت درجته أو وقي اقترافها أو استكثارها وقول مجلى تخصيص الصغائر تحكم ردوه وإن سبقه إلى مثله ابن المنذر بأنه إجماع أهل السنة وكذا يقال فيما ورد في الحج وغيره لذلك المستند لتصريح الأحاديث بذلك في كثير من الأعمال المكفرة بأنه يشترط في تكفيرها اجتناب الكبائر وحديث تكفير الحج للتبعات ضعيف عند الحفاظ أما الحاج فيسنّ له فطره وكذا المسافر لأدلة أخرى‏.‏

- ‏(‏طس‏)‏ من رواية الحجاج بن أرطاة عن عطية ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال الزين العراقي‏:‏ ورواه سليم الرازي في الترغيب والترهيب من رواية إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة عن عياض بن عبد اللّه بن سعد عن أبي سعيد وأبو فروة ضعيف وقد رواه ابن ماجه من هذا الوجه فقال‏:‏ عن أبي سعيد الخدري عن قتادة بن النعمان‏.‏

5058 - ‏(‏صومكم‏)‏ أيها الأمة المحمدية ‏(‏يوم تصومون وأضحاكم يوم تضحون‏)‏ وفي رواية للدارقطني الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون أخذ منه الحنفية أن المنفرد برؤية الهلال إذا ردّه الحاكم لا يلزمه الصوم فإن أفطر بجماع فلا كفارة عليه وحمله الباقون على من لم يره جمعاً بين الأخبار وأشار بإضافته الصوم والأضحى إلى هذه الأمّة إلى أنه من خصائصهم على الأمم السالفة وقد صرح بذلك جمع كما مر ويجيء‏.‏

- ‏(‏هق عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لحسنه وهو مزيف، فقد قال الذهبي في المهذب‏:‏ فيه الواقدي الواهي، وقال في الميزان‏:‏ عن أحمد هو كذاب يقلب الأخبار، وعن ابن المديني يضع ثم ساق له هذا الخبر قال أعني الذهبي‏:‏ ورواه الدارقطني هكذا من طريقين ثم قال‏:‏ فيهما الواقدي ضعيف ورواه الترمذي من طريق آخر غريب‏.‏

5059 - ‏(‏صوما‏)‏ خطاباً لعائشة وحفصة زوجتيه ‏(‏فإن الصيام جنة‏)‏ أي وقاية ‏(‏من النار‏)‏ لصاحبه لأنه يقيه ما يؤذيه من الشهوات ‏(‏ومن بوائق الدهر‏)‏ أي غوائله وشروره ودواهيه وفي إشارته لمح إلى ما يعان به الصائم من سدّ أبواب النيران وفتح أبواب الجنان، وتصفيد الشيطان‏.‏ كل ذلك بما يضيق من مجاري الشيطان من الدمّ الذي ينقصه الصوم فكان فيه مفتاح الهدى كله وإذا كان هدى للناس كان للذين آمنوا أهدى‏.‏

- ‏(‏ابن النجار‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن أبي مليكة‏)‏ أبو مليكة في الصحابة بلوي وقرشي وتيمي وكندي فكان ينبغي تمييزه وقضية تصرف المصنف أنه لم يخرجه أحمد من الستة وليس كذلك بل رواه النسائي عن عائشة وابن عباس قال عبد الحق‏:‏ وفيه خطاب ابن القاسم عن حصين قال النسائي‏:‏ حديثه منكر‏.‏

5060 - ‏(‏صوموا تصحوا‏)‏ قال الحرالي‏:‏ فيه إشعار بأن الصائم يناله من الخير في جسمه وصحته ورزقه حظ وافر مع عظم الأجر في الآخرة ففيه صحة للبدن والعقل بالتهيئة للتدبر والفهم وانكسار النفس إلى رتبة المؤمنين والترقي إلى رتبة المحسنين وللمؤمن غذاء في صومه من بركة ربه بحكم يقينه فيما لا يصل إليه من لم يصل إلى محله فعلى قدر ما يستمد ‏[‏ص 213‏]‏ بواطن الناس من ظواهرهم يستمد ظاهر المؤمن من باطنه حتى يقوى في أعضائه بمدد نور باطنه كما ظهر ذلك في أهل الولاية والديانة وفي الصوم غذاء للقلب كما يغذي الطعام الجسم ولذلك أجمع مجربة أعمال الديانة من الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه على أن مفتاح الهدى والصحة الجوع لأن الأعضاء إذا وهنت للّه نور اللّه القلب وصفى النفس وقوي الجسم ليظهر من أمر الإيمان بقلب العادة جديد عادة هي لأوليائه أجل في القوى من عادته في الدنيا لعامة خلقه‏.‏

- ‏(‏ابن السني وأبو نعيم‏)‏ معاً ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الطب‏)‏ النبوي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الزين العراقي‏:‏ كلاهما سنده ضعيف‏.‏

5061 - ‏(‏صوموا الشهر‏)‏ يعني أوله والعرب تسمي الهلال الشهر تقول رأيت الشهر أي الهلال ‏(‏وسرره‏)‏ بفتحات أي آخره كما صوبه الخطابي وغيره وجرى عليه النووي فقال‏:‏ سرار الشهر بالفتح وبالكسر وكذا سرره آخر ليلة يستتر الهلال بنور الشمس وقال البيضاوي‏:‏ سر الشهر وسرره آخره سمي به لاستسرار القمر فيه وحمل على أنه صلى اللّه عليه وسلم علم أن المخاطب نذر صومه واعتاد صيام سرر الشهر فأمره بالقضاء بعد عيد الفطر وخص النهي بخبر لا تقدموا شهر رمضان بصيام يوم أو يومين ممن يبتدئ به من غير إيجاب ولا اعتياد توفيقاً بينهما وقيل‏:‏ المراد به البيض فإن سر الشيء وسطه وجوفه ومنه السرة وأيد بندب صيام أيام البيض ولم يرد في صوم آخر الشهر ندب ويرد بأنه قد ورد ندب صوم الأيام السود وهو آخر أيام الشهر‏.‏

- ‏(‏د عن معاوية‏)‏ بن أبي سفيان ورواه عنه الديلمي أيضاً‏.‏

5062 - ‏(‏صوموا أيام البيض‏)‏ أي أيام الليالي البيض ‏(‏ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة هن كنز الدهر‏)‏ ولهذا كان بعض الوجهاء من الصحابة يقول أنا صائم ثم يرى يأكل في وقته فيقال له في ذلك فيقول صمت ثلاثة أيام من هذا الشهر فأنا صائم في فضل اللّه مفطر في ضيافة اللّه‏.‏

- ‏(‏أبو ذر الهروي في جزئه من حديثه عن قتادة بن ملحان‏)‏ بكسر الميم وسكون اللام بعدها مهملة القيسي بن ثعلبة الذي مسح المصطفى صلى اللّه عليه وسلم رأسه ووجهه‏.‏

5063 - ‏(‏صوموا من وضح إلى وضح‏)‏ بمعجمة فمهملة محركتين أي من الهلال إلى الهلال قال أو زيد‏:‏ الوضح الهلال وهو في الأصل للبياض ذكره الزمخشري ومن قال صوموا من الضوء إلى الضوء فقد أبعد وخالف ظاهر السياق كما ذكره ابن الأثير ومن زعم أن معناه من الفجر إلى الغروب فقد وهم وما علم أن تتمة الحديث عند مخرجه فإن خفي عليكم فأتموا العدة ثلاثين يوماً‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا الخطيب ‏(‏عن والد أبي المليح‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد اللّه بن سالم ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله موثقون‏.‏

5064 - ‏(‏صوموا‏)‏ أي انووا الصيام وبيتوا على ذلك أو صوموا إذا دخل وقت الصيام وهو من فجر الغد ‏(‏لرؤيته‏)‏ يعني الهلال وإن لم يسبق ذكره لدلالة السياق عليه

‏[‏قال النووي‏:‏ المراد رؤية بعض المسلمين ولا يشترط رؤية كل إنسان بل يكفي جميع الناس رؤية عدلين وكذا عدل على الأصح هذا في الصوم وأما في الفطر فلا يجوز شهادة عدل واحد عند جميع العلماء إلا أبا ثور فجوّزه بعدل‏.‏‏]‏

واللام للوقت أو بمعنى بعد أي لوقت رؤيته أو بعد رؤيته ‏(‏وأفطروا‏)‏ ‏[‏ص 214‏]‏ بقطع الهمزة ‏(‏لرؤيته‏)‏ يعني رؤية بعض المسلمين لا كلهم بل يكفي جميع الناس رؤية عدل واحد للصوم لا للفطر عند الشافعي ‏(‏فإن غم عليكم‏)‏ بالبناء للمفعول أي غطي الهلال بغيم من غممت الشيء غطيته وفيه ضمير يعود على الهلال ويجوز إسناده للجار والمجرور يعني إن كنتم مغموماً عليكم وترك ذكر الهلال للاستغناء عنه ‏(‏فأكملوا‏)‏ أي أتموا من الإكمال وهو بلوغ الشيء إلى غاية حدوده في قدر أو عد حساً أو معنى ذكره الحرالي ‏(‏شعبان‏)‏ أي عدد أيامه ‏(‏ثلاثين‏)‏ التي لا يمكن زيادة الشهر عليها قال ابن القيم وغيره‏:‏ لا يناقضه خبر فإن غم عليكم فاقدروا له قدره فإن القدر هو الحساب المقدر والمراد به إكمال عدة الشهر الذي غم وقال النووي‏:‏ معناه قدروا له تمام العدد ثلاثين وزاد في رواية يوماً بعد ثلاثين وفي إفهامه منع من تمادي الصوم ليلاً الذي هو الوصال الذي يشعر بصحة رفع رتبة الصوم أي صوم الشهر الذي هو دورة القمر بقطع الفطر في ليلة وهو مذهب الشافعي وزعم أن ذا رخصة على الضعيف لا عزيمة على الصائم لا دليل عليه وأخذ ابن سريج من أئمة الشافعية من قوله هنا فأكملوا ومن قوله في خبر آخر فاقدروا بأنه يجوز الصوم بحساب النجوم للمنجم قال‏:‏ فاقدروا للخواص وأكملوا للعوام لأن القمر يعرف وقوعه بعد الشمس بالحساب ورد بالمنع لأن الشرع علق الحكم بالرؤية فلا يقوم الحساب مقامه ولأنه إنما يعرف بالحساب موضعه من الارتفاع والانخفاض وأنه إنما يتم بالرؤية وسيره كل برج في أرجح من يومين وأقل من ثلاثة فلا ينضبط بطؤه وسرعته ولأنه يوجب تفاوت المكلفين في القدر والإكمال وأنه بعيد ولأنه لو جاز أو سن تعلمه على من يقوم بهم الحجة لأنه احتياط في العبادة كما أمرنا بإحصاء هلال شعبان لرمضان أو محمول على ما ذكر أو منسوخ بقوله فأكملوا وهو أولى من عكسه لكونه أثبت وأصرح وأخص‏.‏

- ‏(‏ق ن‏)‏ في الصوم ‏(‏عن أبي هريرة ن عن ابن عباس طب عن البراء‏)‏ بألفاظ متقاربة واللفظ للبخاري‏.‏

5065 - ‏(‏صوموا لرؤيته‏)‏ قال الطيبي‏:‏ اللام للوقت كما في قوله تعالى ‏{‏أقم الصلاة لدلوك الشمس‏}‏ أي وقت دلوكها ‏(‏وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها فإن غم عليكم‏)‏ بضم المعجمة أي حال بينكم وبين الهلال غيم ‏(‏فأتموا الثلاثين‏)‏ إذ الأصل بقاء الشهر ‏(‏فإن شهد شاهدان مسلمان‏)‏ برؤية الهلال لرمضان وشوال ‏(‏فصوموا وأفطروا‏)‏ تمسك به من لم يوجب الصيام إلا بشاهدين قال الزمخشري‏:‏ في غم ضمير للهلال أي إن غطي بغيم أو بغيره من غممت الشيء إذا غطيته ويجوز كونه مسنداً إلى الظرف أي فإن كنتم مغموماً عليكم فصوموا وترك ذكر الهلال للاستغناء عنه كما تقول دفع إلى زيد إذا استغنى عن ذكر المدفوع‏.‏

تنبيه أخذ أحمد من الحديث أن شهادة الشاهد في الصحو لا تقبل بل يكمل العدد فإن غم يدل على وجود الغيم بمطلع الهلال ولقوله في الرواية الأخرى فاقدروا له قدره فإن قوله فاقدروا يدل على التضييق ولا يجوز حمله على قدر رمضان لأنه كامل فحمله عليه نسخ ولا على التدبير والتأمل لأنه لم يجيء له إلا مشدد العين ولا يجوز حمله على قوله إنا أمة أمية الشهر هكذا وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة يعني تسعة وعشرين ثم قال الشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني ثلاثين يعني أن الشهر تام والشهر ناقص وقال الشهران لا ينقصان وردّ الأول بأن المراد من غم ستر لون الهلال وسرعة دخوله في الشعاع أو الشك في العدد فإنه يقدر حينئذ ولا يلزم كون الضمير عائد إلى الهلال إذ المراد قدر رمضان وذلك باستكمال شعبان لقوله فأكملوا عدة شعبان ثلاثين لأنه ناقص وقدره يستلزم جعله ثمانية وعشرين ولا قائل به ونسخ فأكملوا الأصل عدمه والثاني بالمنع لوجوب حمله على قدر رمضان أنه بإكمال شعبان وإلا لزم كونه ثمانية وعشرين والثالث بالمنع لأنه جاء للتقدير والتدبر والتأمل والمثبت أولى والشهادة على العدم مردودة والرابع يحمل على إنا أمة أمية لأنه ناقص بياناً والخامس بأنه يدل ‏[‏ص 215‏]‏ على أن أحدهما ينقص أو يحمل على الغالب لأنه صلى اللّه عليه وسلم صام تسعة وعشرين أو على النواب أو إذا رأى قبل الإكمال والسادس بأنه حيث لا نص ثم دليلنا خير فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين‏.‏

- ‏(‏حم ن عن رجال من الصحابة‏)‏‏.‏

5066 - ‏(‏صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته‏)‏ ولو بشهادة شاهد في صحو عند الشافعية ‏(‏فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا عدة شعبان‏)‏ ثلاثين ‏(‏ولا تستقبلوا الشهر استقبالاً ولا تصلوا رمضان بيوم من شعبان‏)‏ قال الحرالي‏:‏ تأسيس رمضان على العدد ملجأ يرجع إليه عند إغماء الشهر فصار لهذه الأمة العدد في الصوم بمنزلة التيمم في الطهور يرجعون إليه عند ضرورة فقد هلال الرؤية كما يرجعون إلى الصعيد عند فقد الماء وقال ابن تيمية‏:‏ أجمع المسلمون إلا من شذ من المتأخرين المخالفين المسبوقين بالإجماع على أن مواقيت الصوم والفطر والنسك إنما تقام الرؤية عند إمكانها لا بالكتاب والحساب الذي يسلكه الأعاجم من روم وفرس وهند وقبط وأهل كتاب وقد قيل إن أهل الكتاب أمروا بالرؤية لكنهم بدلوا‏.‏

- ‏(‏حم ن هق عن ابن عباس‏)‏‏.‏

5067 - ‏(‏صوموا يوم عاشوراء‏)‏ فإن فضيلته عظيمة وحرمته قديمة ‏(‏يوم كانت الأنبياء تصومه‏)‏ فصوموه‏.‏ قال ابن رجب‏:‏ صامه نوح وموسى وغيرهما وقد كان أهل الكتاب يصومونه وكذا أهل الجاهلية فإن قريشاً كانت تصومه ومن أعجب ما ورد أنه كان يصومه الوحش والهوام فقد أخرج الخطيب في التاريخ مرفوعاً أن الصرد والطير صام عاشوراء قال ابن رجب‏:‏ سنده غريب وقد روي ذلك عن أبي هريرة اهـ وروي عن الخليفة القادر باللّه أنه كان يبعث الخبز للنمل كل يوم فنأكله إلا يوم عاشوراء‏.‏

- ‏(‏ش عن أبي هريرة‏)‏ رمز لصحته‏.‏

5068 - ‏(‏صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود صوموا قبله يوماً وبعده يوماً‏)‏ اتفقوا على ندب صومه‏.‏ قال النووي‏:‏ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يصومه بمكة فلما هاجروا وجد اليهود يصومونه فصامه بوحي أو اجتهاد لا بإخبارهم وقال ابن رجب‏:‏ ويتحصل من الأخبار أنه كان للنبي صلى اللّه عليه وسلم أربع حالات كان يصومه بمكة ولا يأمر بصومه فلما قدم المدينة وجد أهل الكتاب يصومونه ويعظمونه وكان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر فيه فصامه وأمر به وأكد فلما فرض رمضان ترك التأكيد ثم عزم في آخر عمره أن يضم إليه يوماً آخر مخالفة لأهل الكتاب ولم يكن فرضاً قط على الأرجح‏.‏

- ‏(‏حم هق عن ابن عباس‏)‏ رمز المصنف لصحته وهو غفول عن قول الحافظ الهيثمي وغيره‏:‏ فيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام كثير اهـ وفيه أيضاً داود بن علي الهاشمي قال في الميزان‏:‏ ليس بحجة ثم ساق له هذا الخبر‏.‏

5069 - ‏(‏صوموا وأوفروا أشعاركم‏)‏ أي أبقوها لتطول ولا تزيلوها ‏(‏فإنها مجفرة‏)‏ بفتح الميم والفاء بينهما جيم ساكنة بضبط المصنف أي مقطعة للنكاح ونقص للماء يقال جفر الفحل إذا أكثر الضراب وعدل عنه وتركه وانقطع ولا ينافيه الأمر بندب التزوج والجماع لإعفاف الزوجة وطلب الولد وسن إزالة شعر الإبط والعانة وما يأتي أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان يتنور لأن ما هنا في أعزب لا يندب له النكاح لكونه فاقد الأهبة وقد غلبت شهوته فيندب له كسر شهوته بالصوم وتوفير الشعر حذار من الوقوع في الزنا‏.‏ ‏[‏ولا يخفى أن إطالة الشعر للشباب تقليدا للأجانب والكفار هو غير ما ذكر في هذا الحديث، فالناقد بصير لا يخفى عليه هاجس ضمير، وإنما الأعمال بالنيات، ومن تشبه بقوم كان منهم‏.‏ دار الحديث‏]‏

- ‏(‏د في مراسيله عن الحسن مرسلاً‏)‏ هو البصري‏.‏

‏[‏ص 216‏]‏ 5070 - ‏(‏صومي عن أختك‏)‏ ما لزمها من صوم رمضان وماتت ولم تقضه ففيه أن للقريب أن يصوم عن قريبه الميت ولو بلا إذن أما الحيّ فلا يصام عنه‏.‏

- ‏(‏الطيالسي‏)‏ أبو داود ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ رمز المصنف لصحته‏.‏

5071 - ‏(‏صلاة الأبرار‏)‏ ‏[‏ جمع برّ كأرباب وفي لباب التفسير للكرماني جمع بارّ وهم المؤمنون الصادقون في إيمانهم المخلصون المطيعون لربهم قال الحسن‏:‏ هم الذين لا يؤذون الذر وقيل‏:‏ هم الذين صدقوا فيما وعدوا والبر الصدق وقيل‏:‏ هم المؤمنون المحسنون بالإخلاص والبر الإحسان‏.‏‏]‏

لفظ هذه الرواية كما حكاه المؤلف في مختصر الموضوعات وكذا غيره صلاة الأوابين وصلاة الأبرار ‏(‏ركعتان إذا دخلت بيتك وركعتان إذا خرجت‏)‏ من بيتك أي من محل إقامتك بيتاً أو غيره فهاتان الركعتان سنة للدخول والخروج ‏[‏ أي كلما دخل وكلما خرج ويحتمل تخصيصه بإرادة السفر والرجوع منه‏.‏‏]‏

- ‏(‏ابن المبارك ص‏)‏ عن الوليد بن مسلم الأوزاعي ‏(‏عن عثمان بن أبي سودة مرسلاً‏)‏ هو المقدسي تابعي قال الأوزاعي‏:‏ أدرك عبادة وهو مولاه وفي التقريب‏:‏ ثقة‏.‏

5072 - ‏(‏صلاة الأوابين‏)‏ بالتشديد أي الرجاعين إلى اللّه بالتوبة والإخلاص في الطاعة وترك متابعة الهوى ‏(‏حين ترمض‏)‏ بفتح التاء والميم وفي رواية لمسلم إذا رمضت ‏(‏الفصال‏)‏ أي حين تصيبها الرمضاء فتحرق أخفافها لشدة الحر فإن الضحى إذا ارتفع في الصيف يشتد حر الرمضاء فتحرق أخفاف الفصال لمماستها وإنما أضاف الصلاة في هذا الوقت إلى الأوابين لأن النفس تركن فيه إلى الدعة والاستراحة فصرفها إلى الطاعة والاشتغال فيه بالصلاة رجوع من مراد النفس إلى مرضاة الرب ذكره القاضي‏.‏ وقال ابن الأثير‏:‏ المراد صلاة الضحى عند الارتفاع واشتداد الحر واستدل به على فضل تأخير الضحى إلى شدة الحر‏.‏

- ‏(‏حم م عن زيد بن أرقم‏)‏ قال القاسم الشيباني‏:‏ رأى زيد بن الأرقم قوماً يصلون من الضحى فقال‏:‏ أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال فذكره وفي رواية له أيضاً خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم على أهل قباء وهم يصلون فذكره ‏(‏عبد‏)‏ بغير إضافة ‏(‏بن حميد وسمويه عن عبد اللّه بن أبي أوفى‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

5073 - ‏(‏صلاة الجالس على النصف من صلاة القائم‏)‏ أي أجر صلاة النفل من قعود مع القدرة على القيام نصف أجر صلاته من قيام وصلاة النائم أي المضطجع على النصف من صلاة القاعد ومحله في القادر وفي غير نبينا صلى اللّه عليه وسلم إذ من خصائصه أن تطوعه غير قائم كهو قائماً لأنه مأمون الكسل‏.‏

- ‏(‏حم م عن عائشة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح انتهى وقضية تصرف المصنف أن هذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه ولا كذلك بل هو في البخاري بلفظ صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم ومن ثم اتجه رمز المصنف لصحته‏.‏

5074 - ‏(‏صلاة الجماعة‏)‏ هم العدد من الناس يجتمعون يقع على الذكور والإناث أي الصلاة فيها ‏(‏تفضل‏)‏ بفتح أوله ‏[‏ص 217‏]‏ وسكون الفاء وضم الضاد ‏(‏صلاة الفذ‏)‏ بفتح الفاء وشد الذال المعجمة الفرد أي تزيد على صلاة المنفرد ‏(‏بسبع وعشرين درجة‏)‏ أي مرتبة والمعنى أن صلاة الواحد في جماعة يزيد ثوابها على ثواب صلاته وحده سبعاً وعشرين ضعفاً وقيل‏:‏ المعنى إن صلاة الجماعة بمثابة سبع وعشرين صلاة وعلى الأول كأن الصلاتين انتهتا إلى مرتبة من النواب فوقفت صلاة الفذ عندها وتجاوزتها صلاة الجماعة بسبع وعشرين ضعفاً قال الرافعي‏:‏ وعبر بدرجة دون نحو جزء أو نصيب لإرادته أن الثواب من جهة العلة والارتفاع وأن تلك فوق هذه بكذا كذا درجة، نعم ورد التعبير بالجزء في رواية، ثم إن سر التقييد بالعدد لا يوقف عليه إلا بنور النبوة والاحتمالات في هذا المقام كثيرة منها أن الفروض خمسة فأريد التكثر عليها بتضعيفها بعدد نفسها فيها ولا ينافيه اختلاف العدد في ذكر الروايات لأن القليل لا ينفي الكثير ومفهوم العدد غير معتبر حيث لا قرينة أو أنه أعلم بالقليل ثم بالكثير، ومثل ذلك لا يتوقف على معرفة التاريخ لأن الفضائل لا تنسخ أو هو مختلف باختلاف الصلوات أو المصلين هيئة وخشوعاً وكثرة جماعة وشرف بقعة وغيرها أو أن الأعلى للصلاة الجهرية والأقل للسرية لنقصها عنها باعتبار استماع قراءة الإمام والتأمين لتأمينه أو أن الأكثر لمن أدرك الصلاة كلها في جماعة والأقل لمن أدرك بعضها وكيفما كان فيه حث على الصلاة في الجماعة المشروعة وهي فرض كفاية في المكتوبة على الأصح‏.‏

- ‏(‏مالك حم ق‏)‏ في الصلاة ‏(‏ت ن ه عن ابن عمر‏)‏‏.‏

5075 - ‏(‏صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ‏)‏ قال القاضي‏:‏ الفذ الفرد وأول سهام القداح فذ وشاة منفذة تلد واحداً واحداً فإذا اعتادت ذلك سميت منفاذاً ‏(‏بخمس وعشرين درجة‏)‏ أفاد أن الجماعة غير شرط في صحة صلاة الفذ لما في صيغة أفضل من اقتضاء الاشتراك والتفاضل والباطل لا فضيلة فيه وأن أقل الجمع اثنان وحمل المنفرد على غير المعذور منع بأن قوله صلاة الفذ صيغة عموم فيشمل المصلي منفرداً لعذر أو غيره‏.‏ قال ابن سراقة‏:‏ من خصائصنا الجماعة والجمعة وصلاة الليل والعيدين والكسوفين والاستسقاء والوتر وصلاة الضحى‏.‏

- ‏(‏حم خ ه عن أبي سعيد‏)‏‏.‏

5076 - ‏(‏صلاة الجماعة تعدل خمساً وعشرين من صلاة الفذ‏)‏ لأن عظم الجمع واجتماع الهمم وتساعد القلوب أسباب نصبها اللّه مقتضية لحصول الخير ونزول غيث الرحمة كما أن نصب سائر الأسباب مفضية إلى مسبباتها‏.‏ قال القاضي‏:‏ والحديث دليل على أن الجماعة غير شرط للصلاة وإلا لم تكن صلاة الفذ ذات درجة حتى تفضل عليها صلاة الجماعة بدرجات والتمسك به على عدم وجوبها ضعيف إذ لا يلزم من عدم اشتراطها عدم وجوبها ولا من جعلها سبباً لإحراز الفضل الوجوب فإن غير الواجب أيضاً يوجب الفضل اهـ‏.‏